top of page

الاستراتيجية البديلة هي الاعتماد على قيد الموارد البشرية الوطنية كما وكيفا

لتوضيح هذه الاستراتيجية (والمستخدمة في معظم الاقتصاديات العالمية وخاصة المتقدمة) لنعود بالذاكرة قبل 20 سنة حيث كان السوق السعودي يعج بمحلات الصرافة الصغيرة والمتوسطة وقد كانت هذه المحلات توظف آلاف الوافدين وكان ينطبق عليها ما ينطبق على النشاطات الحالية في قطاع المنشآت الصغيرة أو المتوسطة من تستر ومخالفات نظامية وأمنية كثيرة مثل تحويل الأموال غير المشروعة.

ولم يكن حل هذه المشكلة بسياسة الاحلال، بل تم اصدار قرار بإلغائها جميعا ودمجها في مصرف البلاد -لأسباب أمنية بالدرجة الأولى- ومنح هذا المصرف من مؤسسة النقد السعودي حق امتياز الصرافة والأعمال البنكية الأخرى  كحل جذري لجميع المشاكل المرتبطة بقطاع الصرافة مثل التستر أو توطين هذه الوظائف بمرتبات مجدية اقتصاديا للطرفين وتمت السيطرة والقضاء على كل المخالفات النظامية أو الأمنية.

تطبيق هذه الاستراتيجية على قطاعات أو نشاطات أخرى(محطات البنزين) كمثال لتوضيح النظام المقترح

على سبيل المثال في محطات البنزين يمكن منح امتياز لعدة شركات بترولية متخصصة لإنشاء وتشغيل محطات البنزين في منطقة معينة أو مدينة أو على الطرق السريعة بشرط تحقيق التوطين الكامل لهذا النشاط في كافة فروع ومحطات هذه الشركات الوطنية أو الأجنبية.  هذا الامتياز الممنوح لهذه الشركات سوف يمكنها من تحقيق التوطين الكامل بعد استخدام الخدمة الذاتية (أي بائع واحد فقط في كل محطة بنزين والبقالة التابعة لها وربما أكثر عند الحاجة وبذلك تزيد الجدوى الاقتصادية للمشروع نظرا لعدم الحاجة للعمال الوافدة ويمكن أن تعمل محطة البنزين 24/ساعة يوميا.

والمتطلب الوحيد لتنفيذ مثل هذا المشروع هو تقديم خدمة جديدة – غير متوفرة حاليا - من قبل مؤسسة النقد السعودية.

كل قطاع يستحدث قطاع آخر مكمل له في نفس المجال

هذا المثال لتوطين الوظائف في محطات البنزين عن طريق برنامج امتيازات يقودنا لنشاط آخر وهو النقل البترولي الذي سيوفر عشرات الآلاف من الوظائف المجدية اقتصاديا ومهما كان الفرق بين تكلفة السائق الوافد أو السائق السعودي لا يعتبر عائق على تطبيق هذه الاستراتيجية لأن دخل السائق السعودي سوف يعود مرة أخرى بالكامل في دورة الاقتصاد الوطني.

والتغيرات الهيكلية الأخرى في الاقتصاد الكلي سوف تتجه لاستخدام التقنية بدلا من الإفراط في استخدام العمالة الوافدة الرخيصة لأعمال غير ذات إنتاجية عالية، ولكنها تكلف المجتمع والاقتصاد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة خسائر طائلة. بهذا الوضع التقليدي لن تفرض المتطلبات الاقتصادية أو الحاجة لتغييرات جوهرية. وبمعنى آخر لن يتطلب الوضع الراهن إنتاج المعرفة أو حتى نقل المعرفة لدرجة وصول عنصر العمل لمرحلة الإدمان والتبلد وعدم محاولة البحث عن البدائل التي توفر كثرة استخدام العمالة وتحسين البيئة والابتكار وتوفير الموارد الاقتصادية الأخرى وتفتح فرص ومجالات استثمارية. والحقيقة أن مثل هذه الاقتصاديات التي تعتمد على كثرة العمالة في إنتاج السلع أو الخدمات سوف تخرج تدريجيا من الاقتصاد الدولي ويزيد الفقر لديها. والأمثلة الواقعية في الاقتصاد السعودي كثيرة ومن الصعب حصرها.

والجدير بالذكر أن الشركة أو المستثمر لن يقوم بمجرد إحلال العمالة الوافدة لديهم بعمالة وطنية بالكامل حيث إنها سوف تستخدم وسائل بديلة تقلل من الاعتماد علي عنصر العمل الأجنبي أو الشاحنات فقط وهذه نقطة تحول كبيرة في الاقتصاد الوطني حيث يبدأ مشوار الابتكار والاعتماد على التقنية ونقل المعرفة وهذا التحول من أهم مسارات الاعتماد على الاقتصاد المعرفي. مثل نقل البضاعة عن طريق القطارات أو الوسائل الأخرى.

والقطاعات أو الأنشطة في مجال المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي يمكن تطبيق هذه الاستراتيجية عليها لا حدود لها أو قيود على تطبيقها بشرط التحكم في المنافسة لزيادة الإنتاجية والحصول على دخل مجدي للمواطن.

مثال آخر لتوطين الوظائف في أسواق بيع وصيانة الجوالات

هل يمكننا تصور أن وزارة العمل استغرقت ست سنوات لدراسة سعودة نشاط بيع وصيانة الجولات و تم تشكيل لجنة من أربع وزارات ((العمل والتجارة والصناعة والشؤون البلدية والقروية والاتصالات وتقنية المعلومات)) وبعد كل هذه الجهود والتي استغرقت الكثير من الوقت والتكلفة لم تنجح الفكرة لأن الجميع في صندوق محكم الإغلاق اسمه سياسة الإحلال.

ومن وجهة نظري أن كلمة سعودة تقود لفكرة أو سياسة الإحلال، لذا أرى أنه من الأفضل عدم استخدام كلمة سعودة والبديل عنها توطين الوظائف لأن مصطلح التوطين له متطلبات وشروط من أهم هذه المتطلبات تنظيم المنافسة وضمان إنتاجية عالية للحصول على دخل مجدي وأمان وظيفي طويل المدى ويعني ضمنا فرض قيد الموارد البشرية الوطنية على المستثمر أو التاجر وحينها سوف نجد الحلول الابتكارية واستخدام التقنية وهو أحد مسارات الاقتصاد المعرفي.

إذا فالحل الأمثل عن طريق نظام امتيازات - والتي من المفترض أن تقوم بتنفيذه هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة - ونظرا لأن الهيئة - من المفترض أن تمتلك جميع الامتيازات لتنظيم العشوائية في سوق العمل - ولها حق منحها للغير سواء الشركات المحلية أو الأجنبية أو الأفراد لفترة معينة أو منطقة جغرافية محددة وبشروط ومعايير يتم التفاوض والاتفاق عليها وقد يكون هذا الامتياز بمقابل مادي أو مجاني. في هذه الحالة سوف تقوم الهيئة بعرض هذا الامتياز لنشاط بيع وصيانة الجولات على شركات قادرة على تنفيذها مثل STC أو موبايلي أو غيرها من شركات محلية أو أجنبية وهذا لن يكلف الشركات المتخصصة الكثير حيث لديهم الفروع والموظفين ومن المؤكد أنهم يحتاجون لتوظيف أكثر وسوف يحرصون على من لديهم مؤهلات فنية أو تقوم بعض هذه الشركات بتدريب البعض من موظفيها وربما يحتاجون لفروع أكثر وقد يعتمدون أكثر عبر البيع عن طريق الإنترنت لأن الطلب على الخدمات أصبح أعلى ومن المؤكد أن الكثير من البضائع المقلدة سوف تختفي من السوق والواردات لن تكون متاحة للجميع والتلاعب والغش والمخالفات الأخرى جميعها سوف تنتهي من السوق.

مدرستي Madrasati
نهاية الصفحة .png
bottom of page